عنفوان الشباب – بقلم دعاء زيان

دخلت سكرتيرتي الخاصة سهي مكتبي وهي غاضبة لتخبرني بأن محمود جاء متأخرا كعادته ولا يأبه بإنذرات الفصل ولا بالخصومات، فطلبت منها دعوته للحضور فورا، دخل وهو في كامل رونقة ،يضع عطرا نفاذا ويرتدي حُلة انيقة ،جلس أمامي في غرور شديد وهو يرمقني بنظرات الإعجاب ، استمر في عبارات متتالية من الغزل والإعجاب بشخصيتي وادارتي للشركة، وعندما لومته علي تأخره المتعمد عن موعد الحضور ، غير الموضوع بدون حتي اعتذار وبدأ يسرد علي مسامعي كم اني جميلة وما زلت انثي تستحق الرعاية والحب وأن العمر مجرد رقم و ان الشركة عبء علي عاتقي، وتلك المسؤلية الكبيرة تحتاج لشابا يكون سندا وعونا لي ورفيقا لحياتي،
فقد توفي زوجي منذ عامين وتركني أدير املاكه حتي يكبر طفلي الوحيد (كريم) ذو الثمان اعوام ويستلم ارثه.
وبعد يومان كانت ذكري ميلاد صغيري وحبيبي كريم ،أعددت له حفلا ضخما ودعوت كبار شخصيات الدولة وطبعا كل موظفي الشركة لحضور الحفل،وفي اثناء جلوسي في مكتبي الخاص بالفيلا كنت اُجْري مقابلة هامة مع احد الصحفين،
دلف إلي الغرفةمسرعا دون حتي طرق الباب وتعلو وجهه ابتسامة جذابة ، وبالرغم من أن أمامي ضيفا لم يهتم فانزعج الصحفي واستأذن وخرج وقال و ارجو ان تقبلي مني تلك الهدية المتواضعة ، فاخبرته بمدي انزعاجي من طريقة دخوله بدون استئذان وانه أحرج الضيف فلم يهتم لحديثي وقال ارجوكي اقبليها
ظل ينظر لي كطفل صغير صنع هدية لمعلمه ،فاستجبت لالحاحه و
فتحت الهدية اذا بها خاتم من الألماس، نظرت اليه متعجبة وقلت
= ولكن لست أنا صاحبة العيد ميلاد،لماذا هذه الهدية اذن ؟
قال
_ ولأي غرض تهدي الخواتم؟
= هل تجيب علي سؤالي بسؤال؟
_بالطبع لا،ولكني خَجِل ان أخبرك بها صريحة
= لا داعي للخجل، ماذا تريد ان تخبرني
- اريد ان اطلبك للزواج
=زواج؟ هل تعرف كم عمري؟ - نعم
= كم؟ - خمسون
= نعم لقد أتممت عامي الخمسين منذ سبعة أشهر، لماذا يريد شاب مثلك الزواج من إمرأه في عمر امه؟ - لن أقول احبك فلن تصدقينني ، فالحقيقة اني أري انك سيدة ناضجة وناجحة
= اذن انت تريد الوصول بسرعة
نعم هذا صحيح ، أنا اريد النجاح، السلطة ،المعارف ،أنا من أسرة ثرية كل عائلتي عاطلين بالوراثة ،اجبروني علي الزواج مرتين وانتهت بالطلاق، الأن عمري سبعة وعشرون عاما ،ولم يعد يعنيني المال ، وأيضا الجمال لم يعد يأثرني ،أصبحت افكر في النضج اكتر من اي شيء = دعني أخبرك بضعة اشياء، لقد بدأت في خريف العمر ،لن أقدر علي الإنجاب، لن أستطيع تحمل جنونك وطيشك ،أصبحت اميل إلي العزلة ،لا أقدر علي الحماقات أو الغيرة أو كل ما يفعله الشباب في عنفوانه ، حتي لو كنت صادقا لن أستطيع أن اعطيك الحياة -ولكني اريد عقلك وادراكك ليس الإنجاب وكل ما ذكرتيه =يا بني الحياة الزوجية اشياء كثيرة ،لابد أن تكون كل الأطراف متكافئة،ما تقوله ليست حياة اذن فهذا رفض
= اذن تلك البداية جديدة لك يابني، اختر صاحبة العقل والدين ،من تكون قريبة منك في السن والطباع ،من تتحمل غضبك وتحبك لانك انت ،ليس لرصيدك البنكي ، أو لوسامتك وقوتك من الأن انت مثل أبني وسوف اساعدك في إيجاد عروسك الرائعة.
غادرني وهو متجهم،لم يفهم شيئا من ما أخبرته اياه وذهب إلي مبني الشركة وقدم استقالته ،وعلمت بعدها بشهر انه عمل في شركة لسيدة أعمال ارملة ،تكبرني بخمس سنوات وبعدها بستة أشهر تزوجها وهو الآن من يدير كل املاكها.