أخبار عاجلة

خريف العمر – بقلم دعاء زيان جريدة الماس الشرق

أخيرا تزوجت بعد عشرون عاما من الانتظار ،حقا يا له من رقم ضخم، تزوجت وعمري ثمانية وأربعون عاما، انظر إلي عروسي و أتمني من الله ان ننجب العديد من الابناء ذكور واناث ،يا إلهي حقق مطلبي فقد صبرت كثيرا ،ذهبت في نوم عميق واستيقظت علي صوتهاوهي تقول
يلا يا دكتور الصلاة قربت متنساش تروح لقبر ماما بعد ما تخلص
= اطمني مقدرش انسي امي أبدا مش هتاخر

ذهبت إلي الصلاة ثم إلي قبر امي وقفت ادعو لها واعاتبها
وحشتيني يا غالية ،سامحيني قوي كنت لازم اتجوز ،نفسي اشيل عيالي واعيش طبيعي زي أي حد ،كان نفسي تفرحي بيا بس للاسف هو كان غصب عنك انا عارف

جففت دموعي التي اغرقت وجهي ،وجلست علي جانب القبر وانا أتذكر كل شيء من البداية، من بداية تذكري وانا في السادسة كنت أعيش مع أمي ،أبي يعمل بالخارج في دولة أوربية ، وفجأة انقطعت أخباره وبعد عامين ارسل اليها ورقة طلاقها،لم تبكي قالت فقط الحمد لله عسي الله أن يبدلنا خيرا منها ،امي كانت جبلا من الصبر وقوة الايمان،لم اراها شاكية يوما أو معترضة علي قضاء الله، لم تتزوج بعده خوفا أن يقسوا على زوجها الجديد، نشأت في رعايتها وكنفها، لم نحتاج لأحد ،كانت امنيتها الوحيدة أن أصبح طبيبا وبالفعل التحقت بكلية الطب واصبحت جراحا كبيرا وسار لي سيط واسع واسم لامع في مدينتي ،وجاء وقت الزواج،لم أكن كباقي الشباب ،لم اعش قصة حب أو حتي مغامرة،فقررت ان أخبرها بطلبي حتي تجد لي العروس المناسبة،وذهبت اليها وانا أكاد اُحَلّق من شدة الفرح وقلت
= ماما حبيبة قلبي كنت عاوزك في موضوع مهم
_
خير يا أبني انتا كويس
= الحمد لله انا بس محرج شوية
_ هو في حد بيتحرج من امه،في ايه اتكلم
=ماما انا عاوزك تشوفيلي عروسة علي ذوقك
عروسة؟ عروسة ايه؟ =عروسة يا ماما ،عاوز اتجوز تتجوز؟

لم تنطق بكلمة اخري ،غادرت المكان بهدوء مريب ومرت ثلاثة أيام، وهي لا تتحدث معي اطلاقا،لا أعرف لماذا تتصرف بهذه الطريقة الغريبة، فقررت ان افتح معها الموضوع مرة اخري وعندما تحدثت معها قالت
=حبيبي انا معرفش حد
يعني يا ماما مفيش ولا واحدة من بنات العيلة تنفع؟ = معرفش يا ابني مالك يا ماما
= مفيش ياحبيبي،هيكون مالي
وغادرتني في لمح البصر ودخلت غرفتها واغلقت الباب بالمفتاح، وقفت انظر لها متعجبا ولكن لم أفهم ما يحدث ،فبدأت بالبحث وسألت ابن عمتي وأخبرني عن قريبة لنا من بعيد ذات خلق ودين وجمال وبالفعل أخبرت امي التي لم تجب بنعم او بلا ولكن ذهبت معي وخطبنا سمية ،كانت رائعة في كل شيء ،انثي لا تجد مثلها ولا حتي في الروايات،شعرت بأنه فتحت لي أبواب الجنة ،بدأت اجهز للزواج سريعا وبعد ثلاثة أشهر من الخطبة جاءني اتصال من والد سمية وطلبني لمقابلته وعند ذهابي اليه أخبرني بأن كل شيء قسمة ونصيب ،واعطاني الشبكة والهدايا ،حاولت أن افهم ما السبب ولكن دون جدوي ، فقررت الاتصال بها ولكنها رفضت الإجابة وأرسلت لي رسالة واحدة قائلة انها لن تجد افضل مني ولكنها ارادة الله ،لم أدر ما يحدث ،لماذا تركتني؟ ظل هذا السؤال يدور برأسي ولم أصل لشيء
وبعد شهران تزوجت وكانت صدمتي كبيرة ولكن تأقلمت بعد فترة وقررت البدأ من جديد
وهذة المرة ،تعرفت علي زميلة في المستشفي معي ، واخبرت امي التي كان تصرفها مثل اول مرة ، وبالفعل ذهبنا وتم الاتفاق وتمت خطبتنا ،وبعد مرور شهر واحد تم فسخ الخطبة،ولكن هذه المرة لم تصمت زميلتي فقد ارسلت لي خطابات امي،التي كلها سباب لها ولعائلتها ،لم أصدق امي تلك الطيبة الحنون المتدينة ،تفعل ذلك لماذا؟
فذهب إلي المنزل مسرعا ومعي الخطابات وانا اسب في خطيبتي وأقول انها تدعي علي امي ، ولكن نظرة امي جعلت كل شيء يتضح ،فصرخت لماذا
لماذا
قالت
=وانت ليه عاوز تتجوز
مش عارف تصبر لحد ما اموت
انا افنيت عمري كله في رعايتك
مردتش اتجوز عشان مجبلكش جوز ام يبهدلك
تقوم تسبني وتمشي وانا كبيرة كدا
يا أمي دي سنة الحياة انا كبرت ومن حقي اتجوز وأكون اب =طب وانا؟ انتي علي رأسي ،وهعيش معاكي
=وانا اضمن منين ،اللي هتيجي دي هتعمل فيا ايه،مفيش جواز طول ما انا عايشة
يا امي هو دا يرضي ربنا أعيش كدا وحيد = وحيد ازاي ،وانا فين ،الكلام ده مش وقته خالص، ما مسيري اموت هو انا هعيشلك العمر كله يا امي ارجوكي
= مفيش ارجوكي ،لو اتجوزت هكون غضبانة عليك ليوم الدين ولا اشوف وشك تاني في حياتي
تخرج من هنا ومترجعش

جلست ابكي كالصغار أمامها وكان ردها عياطك مش هيفيد بحاجة مفيش ستات هتدخل هنا طول ما انا عايشة

لم ادري ما العمل ؟ هل اتزوج سرا؟ هل اطيعها واصبر؟ وبالفعل قررت الزواج سرا وتقدمت إلي فتاه من عائلة كبيرة ولكن قوبل طلبي بالرفض فقد طلبوا موافقة امي اولا ومر عام بعد عام وانا احاول سرا مرة وجهرا مرة و استعطفها واتوسل وبدون فائدة حتي ضاع من عمري عشرين عاما وأنا بداخل تلك الدائرة المغلقة
،لم اتجرأ يوما علي تمني الموت لها، كنت اطلب من الله ان يهديها حتي مرت الاعوام و فارقت الحياة منذ ستة أشهر وبعد فراقها بخمسة اشهر رأيت سمية، وعلمت ان زوجها توفي منذ خمسة سنوات ولم تنجب منه وتزوجنا في اسبوعين واخيرا ابتسم لي القدر وأنا في خريف العمر.

عن admin

شاهد أيضاً

جزيفازا- الحلقة الثالثة- بقلم دعاء زيان – جريدة الماس الشرق

ظلت نيرة تتملقني بنظرات حائرة، ثم ربتت علي كتفي في هدوء وقالت_ بابا إيه رأيك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page