هناك من يتمنون زوال النعمة عن الآخرين، إذ لا تكف محاولات أولئك في التعرّض لنجاح الآخرين والتشكيك به وزرع الشبهات حوله. هم في كل واد يتيهون وينفثون في مسارات الناجحين كثيرا من السّموم، وقد يظهرون لك على هيئة أصدقاء، ولكن ليس ظاهرهم كباطنهم.. هم العدو فاحذرهم!
طريق النجاح يعلو وينحدر ويتسع ويضيق لكن مساره واحد: الصبر والإيمان والثقة بالنفس والاطمئنان. ومادام الإنسان يسطع ويلمع ويعطي ويبني فهو بلا شك سيتعرض لحرب ضروس من التحطيم المعنوي لا هوادة فيها. فالناس لا ترمي إلا الشجر المثمر والجالس على الأرض لا يسقط، والقافلة تسير والكلاب لا تكفّ تنبح، ولولا أنك ناجح ومؤثر وإلا لم تجد كل هذه الحرب، والحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.
لا يعبأ الإنسان الناجح بمن ينسج الكثير من خيوط العنكبوت والقصص الزائفة عنه ولكنه يرد بعطاء أكبر وثمار أنضج، فتزول آثارهم مع انبلاج الصبح وسطوع شمس يوم جديد، وإن غداً لناظره قريب. فالحياة رحلة، والطريق ممتدة ولا أماني تتحقق دون جهد ودون أخطاء وأحزان وخسران. فعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم. وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا.
وهنا أتساءل:
هل على الناجحين أن يدفعوا ضريبة نجاحهم؟
وهل النجاح عدو للبعض؟
لماذا نخسر أناساً نحبهم عندما نصبح أشخاصاً ناجحين؟
أحياناً يتسبب نجاحك في الحياة بمصاعب تواجهك أو مضايقات تصاحبك أو بفقدك لأشخاص تحبهم لأن نجاحك يثير غيرتهم وحسدهم!
نعم (كلما ارتفع الانسان تكاثرت حوله الغيوم والمحن).
هؤلاء الأشخاص لا تملك أن ترضيهم إلا بأن تتخلى عن نجاحك وإبداعك وتذل نفسك لهم، فذلك يرضي غرورهم ويريحهم ويعيد المياه إلى مجاريها بينك وبينهم، لأن الحسد ملأ قلوبهم نسأل الله العفو والعافية.
إن الأعمال الجميلة والمميزة تغيظ هذه النوعية من الناس..!!
والأدهى والأمر إذا كان مديرك أو مرجعك في عملك يعاملك بمثل هذا التعامل، في الوقت الذي تنتظر منه الوقفة الصادقة التي ائتمنه عليها ولاة أمرنا حفظهم الله.
في اعتقادي أن شريحة كبيرة من الناس تمر بمثل هذه المواقف الصعبة، وأقول لهم: هذه ضريبة النجاح والتميز
ما أعجب الإنسان..!!
الذي قد يُخفي عنك بعض الحقائق حتى لا تتفوق عليه بدافع الحسد، فينكر أن ما فعلته كان جيداً أو أنك أحسنت به، بل يبدأ بذمك والانتقاص من قدرك وعملك حتى يردك عن فعل الأعمال الرائعة التي تزعجه كثيراً مع أنك تحترمه وتعتقد أنه يعزك ويقدرك.
إنك عندما تنجح تتوقع ممن حولك أن يشاركوك لا أن يفارقوك..أن يهنئوك لا أن يهينوك بالبخل بابتسامة الرضا والفرح.
ما أعجب الإنسان..!!
مخلوق صعب لا يعلمه إلا خالقه وصدق القائل: (عظمة عقلك تخلق لك الحساد).
والحاسد له تصرفات غريبة.. فكلما سنحت له الفرصة انتقص من شخصك أو عملك، مسكين لا يدري ماذا يفعل؟!
ولو أنه شجع وأثنى لما نقص من قدره شيء، بل سوف يرتاح قلبه وتسكن نفسه من هذه المعاناة البغيضة..
كما أنه لا يحادثك ولا يرغب في الحوار معك عندما تحاول التودد إليه فهو يتجاهل وجودك..!!
وهل وجود الأزهار في الحديقة يؤذي؟!!
ومن يبغض الزهرة لأن رائحتها زكية؟!!
إلا إذا كان في أنفه عطب..
أو في نفسه خلل يدفعه إلى قطف الأزهار وسحقها بقدميه ليتلذذ وترتاح نفسه..!!
هناك أخطاء تقع في طريقة تفكير بعض الناس تجعلهم يحسدون الآخرين، ومع تعديلها سيتخلصون من الحسد بإذن الله.
من الأخطاء في التفكير أن تعتقد أن كل نجاح يحققه من حولك ويستحق الثناء عليه، يعني فشلك في بلوغ هذا النجاح أو مثله، ويعني نقصك في أعين الناس وهذا من أنماط التفكير الخاطئ عندما تشعر بالنقص والدونية تجاه الأقران والأنداد فتستسلم للإحباط ويزداد شعورك بالفشل كلما ازداد أقرانك نجاحاً وربما ترتب على هذا عداوات وبغضاء حتى بين الإخوة، والذي يولد هذا الخلل في التفكير هو المقارنة الخاطئة التي يمارسها بعض الآباء والأمهات مع أولادهم بين نجاح الآخرين وفشل أولادهم. ومن الملاحظ أنه مع زيادة التنافس الاجتماعي يزداد الحسد، وهذا مع الأسف الشديد واقع مشاهد.
إن الدعاء بالخير لأي شخص تشعر نحوه بمشاعر الغيرة والحسد علاج فعّال يُذهب الحسد من قلبك وقد عمل به كثير من الناس وأعجبتهم نتائجه..
لأن الشيطان هو الذي يدفعك للغيرة والحسد لتفنى حسناتك ويأخذها غيرك، وتهلك مع الهالكين.
فبدلاً من أن تقوم بأفعال سيئة نتيجة الغيرة والحسد اللتان أوجدهما الشيطان في قلبك، تقوم بالاستغفار والدعاء بصدق وإخلاص لمن ثارت في قلبك مشاعر الحسد تجاهه وتكسب الأجور العظيمة، فسيذهب الشيطان عنك بعيداً، لأنك تقوم بما ينافي مقصوده وبالتالي تزول أو تخف مشاعر الحسد بشكل ملحوظ..