مر يوم الجنازة بهدوء مريب ،لم تبكي امي كباقي النساء عند الحزن ،فقط ارتدت ملابسها السوداء ووضعت رأسها بين يديها في سكون
انتابتني الحيرة كيف لأمي ان لا تنتحب علي زوجها أو حتي تبكي؟ كيف تكون هادئة الي ذلك الحد الغريب ؟
بعد انتهاء الدفن مباشرة لاحظت وجود غرباء جلسوا في صمت ولم يسلموا علي أحد ،منهم كهل كبير اظن اني رأيته قبل ذلك ولكني لا اتذكره جيدا ، اقتربت منه ومددت له يدي مصافحا فقال:
شد حيلك يا معاذ
نظرت له متعجبا وقلت
انا شفت حضرتك قبل كدا بس مش متذكر فين
قال مش وقته يا ابني
مش وقته
وانصرف مسرعا واخذ معه الرجال الغرباء،يبدو أنهم جميعا معا
انتهت الجنازة و
عدت الي المنزل فوجدت مجموعة من النسوة تلتف حول أمي وتقول أحداهن لأمي بصوت مرتفع
آن الأوان بقي يا فريدة تقولي لمعاذ كل حاجة دا الكبير ولازم يفهم عشان يعرف يتصرف ويجيب ورث ابوه من اعمامه
وهنا نظرت لهم متعجبا وقلت:
اعمامي؟
انا مليش اعمام
ابويا وحيد ابوه وامه
هو في ايه بالضبط
ارتبكت امي عند رؤيتي وقالت لها في صوت خافت اسكتي دلوقت بعدين بعدين
انتفضت امي من مقعدها واتجهت صوبي وربتت علي كتفي وقالت:
معاذ يا حبيبي مش وقت الكلام ده ادخل اوضتك ارتاح
ودلفت الي غرفتي واستلقيت علي فراشي وانا منهك القوي
ومرت فترة العزاء وأمي كما هي ولم تظهر النسوة مرة أخري ونسيت الحوار الذي دار بينهم أو ربما تناسيته وبعد مرور ما يزيد عن شهر،استيقظت ذات صباح علي جرس الباب وعندما فتحته وجدت الكهل الذي كان في العزاء ومعه النسوة والرجال أيضا
تقريبا عشرة افراد
استأذن الكهل بالدخول وفعلا دخلوا جميعا
لم تكن امي بالمنزل وحاولت الاتصال بها ولكن شبكة الاتصالات اللعينة حالت بيني وبين ذلك، مرت عشر دقائق وهم يتبادلون النظرات وعلامات الارتباك تظهر علي وجوههم ثم قال الرجل الكبير
هو انت مش فاكرني خالص يا معاذ
معاذ: مش قادر افتكر بس حاسس اني فعلا اعرف حضرتك
= أنا جدك يا معاذ
_ جدي ؟
= جدي ؟
_ انا جدك ابو ابوك الله يرحمه
= ايه؟؟؟؟؟
يتبع