أصبح ضياع الحقوق ظاهرة جدا سلبية في الكثير من المجتمعات سواء بأيدينا أو بأيدي غيرنا لأن البعض محترفون في ضياع حقوقهم وحقوق الآخرين . ما أقسى أن يرى إنسان ما حقه يضيع أمام عينيه وهو عاجز عن إسترداده لأي سبب . في الحقيقة لا يوجد تعريف واحد لكلمة “الظلم ” ، بل لهذه الكلمة مرادفات متعددة ، وأولها الظلم معاملة الناس معاملة غير عادلة وخاصة بإستعمال نفوذ أو سلطان شخص متنفذ . الظلم شر مستطير لا يستطيع أي شخص تحمله والظلم من أبشع الأمور في الحياة الدنيا وقد نهانا الله سبحانه وتعالى عن الظلم وجعل عاقبته سيئة جدا في الدنيا والآخرة وتوعد الظالمين بالعقاب الشديد لانه حَرّمَ الظلم على نفسه .
والظلم بجميع أنواعه صفة قبيحة لا يتسم بها الا أصحاب النفوس العفنة الذين ليس لديهم أخلاقا إنسانيةً لأن الظلم يسلب حقوق الناس ولأن الظالم يحكم وِفّق أهوائه الشخصية وما يمليه عليه ضميره الميت ، والظلم أحد أسباب إنتشار الفساد في المجتمعات لأنه إنذار بقدوم الخراب وضياع الحقوق وشعور المظلومين بالضياع وإنتشار الجرائم .
قد ينال المظلوم أحيانا حقه بالتقاضي ولكن هذا قليلا ما يحدث لأن الظالم يستغل سلطانه في قهر الآخرين وعدم إسترداد حقوقهم . وعندما لا يستطيع المظلوم الحصول على حقه يشعر بالذل والهوان وضعفه في مجتمع ذئبي وهو لا يستطيع الدفاع عن نفسه أو حتى المقاومة . أما أفدح أنواع الظلم فهو حاكم ديكتاتور يُنزل بشعبه شتى صنوف الظلم من نهب وسلب وتسلط هو وزبانيته التي تستمد من نفوذه وقوته وسلطانه كل أنواع الطغيان ومن يعترض أو ينتقد فالويل الويل له .
لا يزول الظلم الا بمقاومة الظالم مهما كلّف الامر من تضحيات . يجب مقاومة الظلم والظالمين حتى لا يستشري الفساد بين الناس ويتمادى الظالمون في ضلالهم وغيهم وعليهم رد الحقوق لأصحابها طواعية . من الواجب مواجهة الظلم ؛ فلا نكتفي أن نتحدث عن الظلم الحاصل بل لا بد أن يكون لكل إنسان دورا في مقاومة الظالمين .” ومن هنا لا بد للأمة إن رأت أو الشعب اذا رأى الظالم أن تنصحه على أي مستوى من مستويات القيادة في الأمة سواء كان الظلم من الحاكم أو ولي الأمر للرعية والشعب أو من القادة للجنود أو من الرؤساء للمرؤوسين أو من الأغنياء للفقراء أو من الملاك للمستأجرين او من أرباب العمل للعمال أو من الرجال للنساء ” وهكذا تبرز أهمية وضع الجميع أمام المساءلة والمحاسبة عندما تصدر منهم الأخطاء .
إن مقاومة ظلم الحكام المتجبرين ترسيخ لمبدأ وصاية الأمة وسلطتها على الحاكم . إن في مقاومة الظلم تحقيقا للعدل والمساواة والإستقرار والطمأنينة في المجتمع علاوة على تفتح العقول للأفكار والإبداعات والإبتكارات التي لا تتم تحت سلطان الكبت والقهر ، علاوة على تحقيق الإستقرار السياسي الذي هو مفتاح التنمية الشاملة والنهوض والتقدم .
إن الشعور بالعدل والمساواة يقضي على الفتن والنزاعات والمشاكل الإجتماعية المهلكة . ومن أهمية مقاومة الظلم تدريب النفس على التحرر من الخوف وتعويدها على الإقدام في المواقف الصعبة ولعل أهمها مقاومة الظالمين . وفي النهاية إن أشد أنواع الظلم هو ظلم الانسان لنفسه .