لا تسرف و لا تفرط كثيرا ..ففي الإفراط تفريط ….
كلمة ( الإسراف ) في اللغة تُطلق على مجاوزة الحد في الأفعال والأقوال . وهو صفة سلوكية مقيتة تعني الزيادة فيما لا داعي له ولا ضرورة حتى لو كان ذلك في أمر مباح ، فالإسراف سبب كل جفاف .
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما و المقصود هنا هو الاقتصاد في الحب.
فإنّ الإسراف في الحب داع إلى التقصير ، فعسي أن يصير الحبيب بغيضا ، فلا تكن مسرفا في الحب فتندم ، لأن القلب يتقلب .
يؤكد خبراء العلاقات الاجتماعية أن الإسراف في المشاعر يسبب ألما وتعاسة لمن يحب وقد يضر المحبوب في النهاية ، وأن العلاقة الشخصية التي تدمر الصحة العاطفية تعني أن صاحب العلاقة مريض بالإسراف في الحب وعليه أن يعالج من هذا المرض.
كما أكد خبراء علم النفس ان المسرف في مشاعر الحب يكون في العادة أحد أفراد عائلة مفككة أهملت في تلبية احتياجاته الشعورية عندما كان طفلا أو شابا صغيرا، ولذلك فهو يحاول سد ذلك النقص في داخله عن طريق الاعتناء المبالغ فيه بالآخرين وخاصة بالشخص الذي يكن له مشاعر الحب، ولأن هذا الشخص لم يستطع في الماضي جعل والديه قادرين على إشباع احتياجاته الشعورية فهو يحاول جاهدا تغيير من يحب عن طريق إغراقه بمشاعر الحب.
والشخص المسرف في الحب يبذل في الحب كل ما في جهده لإرضاء الآخرين لأنه يفتقد الحب في كل علاقاته الخاصة، ويخشى الهجر ويبذل كل ما في وسعه لكي لا تنتهي علاقاته الاجتماعية والعاطفية بالفشل، وهو على استعداد أيضا لتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية واللوم عن كل علاقة تفشل.
ولدى المسرف في الحب رغبة داخلية في أن تكون له السيطرة على الآخرين وذلك من خلال بذل جهد أكبر من الآخرين في مساعدتهم ورعايتهم، كما أنه ينجذب للأشخاص الذين تحيطهم المشاكل من كل جانب لأنه يدمن الشعور بالألم وكذلك ميله الشديد للاكتئاب.
ما أجمل الشعور بالأخر و الأحساس به و حب مساعده الغير ، أنه شعور يجعل الأنسان يخرج من نطاق الأنانيه وحب الذات و يسلُك منهج الأنسان العطوف المهتم في حياته فيجنو ثماره في سعاده روحه و تنميه ثقته بنفسه ، و يعزز علاقاته الإجتماعيه ويقوي الروابط بينه وبين من حوله .
لكن عندما يتكلف الإنسان في هذا الإهتمام بدون التفكير في نفسه وفي مقدرته علي المداومه علي هذا العطاء سيتحول من تطوع نابع من حبك لمن حولك سواء كانوا اشخاص او شخص وإحساسك بهم او به الي عطاء متُكلف مفروض و سيصبح جزء طبيعي من معاملاتك مع من حولك و لن يروا بعد ذلك هذا الإهتمام ولن يشعرون به من الأساس فإنه أصبح من عاداتك بل أصبح من واجباتك الاجتماعيه نحوهم و من ثم يتحول من نطاق الإهتمام الي الفرض . فيدخلك هذا العطاء المتكلف في نطاق الثقل علي النفس و طريقك للمشقه و الأعباء الغير مبررة التي فرضتها انت علي نفسك، ولم يطلبها احد منك فيمكنك وضع عشر ملاعق من السكر في فنجان الشاي فعندما يتذوقه من تحب ينهرك ولا يستطيع شرب الشاي فيحزنك رد فعله لانك وضعت كثير من السكر حبا وكرما واهتماما .. ولكنه لم يطلب منك وضع هذه الكمية من السكر والتي اضاعت مذاق الشاي الذي يفضله فانت من فعل ذلك من باب الحب والاهتمام الزائد والغير مبرر .. فهذه الأعباء ستدخلك في صراع داخلي مع نفسك لمحاولتك طوال الوقت الأستمرار في العطاء المتكلف مع عدم قدره نفسك في الإستمرار في هذا الإطار الذي فرض عليك .
حتي العلاقات الإجتماعيه القويه التي كونتها علي أساس هذا العطاء المتكلف سواء كان عطاء مادي او معنوي مصيرها للضعف لأن هذا التكلف مع الوقت جعل من حولك يظنون أن ما تقدمه لهم هو العطاء الطبيعي الذي يستحقونه منك هو المفروض عليك القيام به فإن قررت في يوم إنهاء هذا التكلف أو حتي التقليل منه لن يرونه سوي تقصير منك نحوهم ، في هذه الحاله لا تضع اللوم علي من حولك فأنت من أثقلت علي نفسك وضعتها في هذا الإطار الشاق بتكلفك .
إن الإهتمام سلوك رائع يحبه الجميع لكن هناك خيط رفيع بين الإهتمام و ظلم النفس بالتكلف في العطاء فقد قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه : “نُهينَا عنِ التَّكلُّفِ” رواه البُخاري: “.
ولا اخفيكم سرا اننا جميعا مسرفون تجاه شخص ما في حياتنا علي الأقل
فعندما يصيبنا فيروس الحب تتغير القوانين .. ولكن يجب ان يكون هذا استثناء فقط لمن يستحق .. وليس سلوك عام للفرد تجاه الاخرين والا يجب علينا مراجعة طبيب نفسي للمعالجة .
فالإسراف في الحب كالإسراف في الطعام يسبب السمنة العاطفية والتي قد تسبب وفاة القلب احيانا .