الامومه والطفوله والصحة النفسية

هل تراقبين سلوك اطفالك اثناء اللعب ؟سلوكيات صامته قد تدمر براءتهم دون ان تنتبهي -بقلم جنى الطويل

في خضم الحديث عن حماية الطفولة، غالبًا ما يتركّز الانتباه على التحرش من الكبار تجاه الصغار، إلا أن هناك خطرًا لا يقلّ فداحةً، لكنه أقل تناولًا في الإعلام والأسرة وهي ان بعض السلوكيات التي قد تحدث بين الاطفال تتطلب انتباها جادا وتدخلا حكيما، حيث ان في عالم الطفولة ، قد يبدو كل شئ بريئاً وعفوياً في نظر الاهل .
ومن هذه السلوكيات ، تلك اللي تتعلق بتجاوز حدود التعامل الجسدي او السلوكي بين طفل اكبر وطفل اصغر ، ظاهرة صامتة، مؤلمة، وتدل في كثير من الحالات على غياب التوعية، والفراغ الأخلاقي، والقصور في التربية الدينية والاجتماعية داخل الأسرة .

حين يكون المعتدي طفلًا أيضًا
يظن البعض أن الطفل لا يمكن أن يكون مؤذيًا أو واعيًا لأفعاله، لكن الواقع يُظهر أن أطفالًا – خاصة في سن المراهقة أو ما قبلها بقليل – قد يمارسون أفعالًا تحمل طابعًا تحرشيًا تجاه أطفال أصغر منهم، مستغلين فرق العمر أو الثقة أو غياب الرقابة. وقد تكون هذه التصرفات انعكاسًا لتعرضهم السابق للتحرش، أو لتقليد محتوى غير لائق شاهدوه دون رقابة.

هذه الأفعال – وإن بدت غير ناضجة – لا تقل خطورة في أثرها النفسي على الضحية. فالطفل المتعرض لتحرش من طفل آخر يعاني من الخوف، والارتباك، والشعور بالذنب، وفي كثير من الحالات لا يفهم ما حدث، ولا يمتلك الجرأة للحديث عنه، خصوصًا إذا كان المعتدي من داخل العائلة او الاصدقاء المقربين .

دور الأسرة… الغائب أو الغافل
غياب الرقابة الأسرية، والانشغال عن تفاصيل حياة الأطفال اليومية، واعتبار أن “الأطفال يلعبون فقط”، كلها عوامل تسمح بتكرار هذه السلوكيات دون انتباه. كما أن كثيرًا من الأهل يتجنبون الحديث مع أطفالهم عن خصوصية الجسد، وحدود اللمس، وما يجب رفضه أو التبليغ عنه، خوفًا من إحراج أو حساسية مجتمعية لا مبرر لها.

والأخطر، أن بعض الأسر حين تكتشف هذه الأفعال، تختار الصمت حفاظًا على “السمعة”، فتُضيع حقوق الضحية، وتترك المعتدي من دون أي علاج أو تقويم، ما يرفع خطر تكرار الفعل وتفاقمه مستقبلًا.

أين دور التوعية الدينية؟
التربية الدينية لا تعني فقط تعليم الطفل الصلاة والصيام، بل غرس القيم الأخلاقية منذ الصغر: احترام الجسد، الحرص على الأمانة، الخوف من الله، وضبط السلوك. عندما يُربى الطفل على هذه القواعد من خلال حوار محبب ومناسب لعمره، يصبح أكثر قدرة على التمييز بين السلوك السليم والمنحرف.

غياب هذا الدور، أو اختزاله في أوامر دون فهم، يُفرغ الدين من جوهره التربوي، ويجعل الطفل عرضة للتجريب أو التأثر بمصادر خارجية، خاصة في ظل ما يشاهده من محتوى غير منضبط على الإنترنت ووسائل التواصل.

الآثار النفسية لا تزول بسهولة
التحرش – حتى إن كان من طفل لآخر – قد يخلّف أثرًا عميقًا لدى الضحية: قلق، صمت، ضعف في الثقة بالنفس، انطواء، وربما أعراض اكتئاب. كما أن المعتدي نفسه قد يكون في أمسّ الحاجة إلى رعاية نفسية، خصوصًا إن كان يكرر سلوكًا تعرض له، أو يحمل بداخله صدمة لم تُعالَج.
ما الحل اذا ؟
وعي وقيم ومتابعة
الحوار: الحديث مع الأطفال بانتظام عن جسدهم، وعن الحدود الآمنة، وعن ضرورة إبلاغ الأهل عند أي تصرف غير مريح.
الرقابة الذكية: مراقبة اللعب والسلوك دون ترهيب أو تدخل زائد، وفتح باب الثقة مع الطفل ليشعر بالأمان في البوح.
العلاج النفسي المبكر: عند اكتشاف أي سلوك غير طبيعي، يجب التعامل مع الطفل المعتدي أو الضحية بجدية، والتوجه لأخصائيين.
التربية القيمية والدينية: ربط الطفل بالمبادئ الأخلاقية والدينية، مع تقديمها بأسلوب تربوي مشوّق يتناسب مع عمره.
في النهاية
تحرش الأطفال بالأطفال ليس خيالًا أو مبالغة، بل واقع مؤلم يحدث بصمت حين تُغلق الأبواب، وتغيب الرقابة، ويصمت الوعي. ومواجهة هذه الظاهرة تبدأ من البيت، من لحظة وعي، ومن شجاعة أهل يختارون المواجهة والتربية، لا التهرب أو الإنكار. فالطفولة ليست فقط مسؤولية، بل أمانة يجب صونها بكل الوعي ولا تحتمل الغفلة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى