يجب على الآباء الأخذ في عين الاعتبار أنَّ لكلِّ ولدٍ شخصيته التي تميزه عن إخوته، وعن باقي الأبناء بشكلٍ عام؛ وأنَّه ليس بالضروة أن يكون الإخوة مُتشابهين في الطباع والميول، فعلى سبيل المثال: يمكن لأح تعد الأبناء أن يكون هادئاً، والآخر كثير الحركة؛ لكن، لا يجب على الأبوين معاقبة الأخير فقط لكونه يتمتع بالنشاط الزائد، بل يتوجَّب عليهما إظهار الاهتمام والرعاية والحب والحنان بقدرٍ متساوٍ بين أبنائهم جميعاً.
يجب على الوالدين الابتعاد عن أسلوب المقارنة بين أطفالهم، أو توبيخهم على الملأ؛ بل عليهم مُناقشة الأخطاء، ونصح الأبناء على انفراد.
يجب على الوالدين إعطاء أبنائهم الحق في التعبير عن أفكارهم وعواطفهم وحاجاتهم، وعن كل ما يجول في أذهانهم؛ كما يجب عليهم الإصغاء إليهم جميعاً، ومعرفة طباعهم وردود أفعالهم.
يجب على الآباء تجنُّب الإفراط في الرعاية والاهتمام بالابن الأكبر أو الأصغر؛ لأنَّ ذلك يجعل منه شخصاً أنانياً ومغروراً.
يجب على الأبوين بث روح التعاون والأخوة والألفة والمحبة بين أبنائهم.
يجب على الآباء تربية أبنائهم على أنَّ الشكل أو الجنس مِن عند الله، ولا يجوز لأيِّ أحدٍ أن يُحَبَّ أو يُكرَه على أساسهما، وألَّا فارق بين الأشخاص إلَّا الصفات الحسنة والأخلاق التي يتميزون بها.
يجب على الأبوين عدم التمييز أو التفرقة في المحبة بين الإناث والذكور، لأنَّ ذلك قد يُولِّد لديهم شعوراً بالتفرقة، ويمكن أن يُشعِرَهم بالكره تجاه أنفسهم أو الجنس الآخر، وقد تتفاقم مُشكلتهم النفسية هذه على المدى البعيد.
إذا كان لدى الأبوين ابنٌ مُعاق أو مريض، فيجب عليهما مراعاة ذلك بشكلٍ خاص، وإعلام أبنائهم الآخرين بضرورة مُساعدتهم لأخيهم والعطف عليه، وتقديم الرعاية والاهتمام له، دون أن يشعروا أنَّ هناك أيُّ تمييز أو تفرقةٍ بينهم وبين أخيهم المريض.
ولا يفوتنا هنا التنبيه إلى خطورة المقارنة بين الإخوة في الدراسة ومعايرة أحدهم بتدني مستواه عن الآخر، لما قد يسببه ذلك من ضغائن بين الإخوة.
وقد يظن البعض بالخطأ أن الطفل الأقل تمييزاً فقط هو الذي سيقع عليه الضرر النفسي من هذا التمييز السلبي في معاملة الوالدين له دون الطفل المميز، ولكن الواقع أن كلا الطرفين معرض لآثار نفسية سلبية خطيرة في تكوين شخصيته وقد يستمر تأثيرها عليه طيلة عمره مستقبلاً.
فهذا الطفل المميز سوف ينشأ أنانياً محباً للتملك ولا يتقبل النقد والتوجيه من الآخرين، الأمر الذي سوف يوقعه لا محالة في مشاكل كثيرة عندما يعمل تحت رئاسة من لا يعرفهم، فيشعر بأنهم يضطهدونه عندما ينبهوه لأخطائه أو يحاسبونه عليها. وكذلك لن يستطيع تحمل تبعات الزواج وتربية الأبناء، وسيضيق صدره عند أي مشكلة تواجهها أسرته الصغيرة.
وعلى الجانب الآخر فالطفل الأقل تمييزاً سوف يعاني من مشكلات وعقد نفسية أشد خطورة، والأمثلة على ذلك كثيرة:
١- سوف ينشأ حقوداً وغيوراً وكارهاً لأخيه المميز عنه، بل ومن الممكن أن يتمنى له الضرر أو حتى يحاول أن يتآمر عليه ويسببه له (ولنا هنا أيضاً مثال واضح في إخوة يوسف عليه السلام وتآمرهم عليه).
٢- عدم الثقة في الأسرة وبعد ذلك في المجتمع عامة، حيث إن الأسر هي وحدات تكوين المجتمعات.
٣- تكوين آباء وأمهات غير أسوياء في تعاملهم مع أبنائهم في المستقبل، مما يشكل خطورة مطردة على الأجيال القادمة.
٤- الإصابة بالعقد والأمراض النفسية، فقد يصاب بالانطواء والعزلة والشك المرضي في الآخرين والاكتئاب.
٥- عقوق الوالدين كرد فعل على شعوره المتنامي بعدم عدالتهم وظلمهم له بلا مبرر.
٦- البحث عن الحب والحنان والتفاهم المفقود داخل الأسرة عند الأغراب، مع ما في ذلك من خطورة الوقوع فريسة لأصدقاء السوء أو الأشخاص غير الأسوياء الأكبر منه سناً وخبرة.
وبالتأكيد فإن حل كل هذه المشكلات العويصة يكمن في العدل التام بين الأبناء عاطفياً ومادياً، وحتى لو مال قلب أحد الوالدين تجاه أحد الأبناء تحديداً ودون الآخرين (وذلك أمر ممكن الحدوث ولا سيطرة له عليه) فيجب إخفاء ما في القلب عن الجميع وعدم التحدث بذلك أمام أفراد العائلة أو الأصدقاء مخافة تسربه للأبناء.