💫يتعرض البشر خلال حياتهم -سواء أكانوا أطفالًا أو مراهقين، شبابًا أو حتى كهولًا- إلى ضغوط كثيرة؛ كالإحباطات، والفشل، وخيبات الأمل، والحرمان، والفقدان، والخوف، والقلق، والضيق؛ ويتباينون في تفاعلهم وتعاملهم مع هذه الضغوط
فتظهر ردود افعال واستجابات مختلفه فمنها ماهو صحى وطبيعى ومنها ماهو مضطرب يختل فيه توازن الحياة والسبب هو مستوى الحصانة النفسية التى يتمتع بها
🌿 ماذا نعني بالحصانة النفسية؟!
الحصانة النفسية هي القوة الداخلية التي تمكّن الفرد أثناء وبعد التعرض للضغوط من التقاط أنفاسه والتحكم بذاته والسيطرة على مشاعره وسلوكياته، حتى لا تفلت منه؛ ما يضمن له الاستمرارية بفعالية في الحياة على قسوتها.
وتُبنى الحصانة النفسية من المعتقدات الإيجابية والسليمة حول الذات والناس والحياة تمكّن الفرد من التحكم بمشاعره وانفعالاته الضارة التي تسمم الحياة، وتعطيه القدرة على الصمود؛ ما يجعله قادرًا على مواجهة تحديات الحياة وتجاوز المشكلات والإحباطات والفشل بطرق فاعلة لتحقيق التوازن النفسي والاتساق مع الحياة.
ويعد بناء شخصية تتمتع بالحصانة النفسية من أهم المنجزات التربوية للوالدين والمربين في طريق بناء شخصية متوازنة عقليًا ونفسيًا واجتماعيًا وروحيًا وانفعاليًا؛ فالحصانة النفسية تُبنى منذ الطفولة. 🌿كيف تتشكل الحصانة النفسية؟!
تتشكل الحصانة النفسية من خلال أساليب التنشئة الاجتماعية والممارسات الوالدية التي يتفاعل معها الأطفال منذ الطفولة الأولى؛ فالكلمات التي يسمعها الطفل، واستجابة الآخرين لتصرفاته، وملاحظة سلوك الآخرين في التعبير عن المواقف والأحداث والأشخاص من حوله، وتفاعلات الناس وتقييمهم للمواقف المختلفة؛ كل ذلك سيشكل أفكاره ومعتقداته وتقييماته العقلانية أو اللاعقلانية حول ذاته أو المواقف أو الأحداث، كم
🌿 كيف نبني قلعة التحصين النفسي؟!
أما كيف يساعد الوالدان والمربون الأبناء على اكتساب الأدوات النفسية والعقلية لبناء الحصانة النفسية فهي كالآتي:
· تقبل الطفل تقبلاً غير مشروط ودعم الثقة بالنفس:
يُمارَس ضغط نفسي على الطفل الذي لا ينسجم ومعايير الأهل (من وجهة نظرهم) في تقييم كفاءة أو نجابة أو فلاح الأبناء؛ ما يعزز إحساسه بالفشل وفقدان الأمل. بينما تقبله بإمكاناته وقدراته وموروثاته التي لا دخل له بها تقبلاً غير مشروط والاحترام لذاته؛ يعملان على تحرير الطاقات والإمكانات غير المتوقعة، فتزداد الكفاءة النفسية لديه، وتزداد الثقة بالذات؛ ما يقوي الجبهة الداخلية للفرد لمواجهة الضغوطات والتحديات.
♦· ابنِ إرادة صلبة وعزيمة قوية:
فالصبر والرضا وتأجيل الإشباع ومقاومة الإغراء مما يتوجب على المربين الاهتمام به؛ فليس كل ما يحبه الطفل يُعطاه، ولا كل ما يرغبه يُسهّل له، ولا كل ما يشتهيه يلبى، وذلك من خلال دستور منزلي يتضمن تعليمات وقوانين وأنظمة أسرية يتفق عليها الجميع.
والتأجيل لا يعني الحرمان؛ فهو فالرغبات تُعطى بقدر وبوقت وبكيف متفق عليه مسبقًا، وهو لبناء الإرادة والقدرة على التحكم بالذات والسيطرة على البيئة وتطويعها بما يتناسب مع التأجيل.
· ♦تنمية التفكير العقلاني لحياة صحية:
إن استخدام الحوار البناء والفعال مع الأبناء منذ الطفولة؛ يكسبهم استراتيجيات التفكير السليم والمفاهيم الصحيحة حول الأشياء والمواقف والناس مع استخدام الدليل؛ ما يجنبهم الوقوع في فخ الأفكار اللاعقلانية والتي تعمل على تشويه الإدراك وتضعف المنعة النفسية؛ فتجعل الفرد عرضة للصراعات والقلق المزمن، من مثل: الأحكام المتطرفة أو التهوين أو التهويل للأحداث أو المواقف أو الأشخاص، أو التعميمات الخاطئة أو النظرة السلبية للذات، أو البحث عن الكمال في الأفكار أو الأشخاص أو الإنجازات وغيرها من زمرة الأفكار اللاعقلانية التي تعيق تكيف الفرد مع الحياة.
♦· تحت شعار “كل مشكلة ولها حل ” درب أبناءك على تفكير حل المشكلات:
من أهم الأدوات النفسية تعلم تفكير حل المشكلات والتفكير المتشعب (التفكير الإبداعي)؛ وذلك بالعمل على تدريب الأبناء بعمر مبكر بما يناسب مستواهم النمائي من خلال اللعب لمشكلات بسيطة، وتدريبهم على حل هذه المشكلات وإيجاد حلول بديلة؛ وإنتاج أكبر قدر ممكن من الحلول واختبارها والتفكير بشكل مغاير؛ وبذلك تتشكل المرونة الذهنية والعقلية الضرورية لتجاوز الأزمات والضغوط وحل المشكلات.
· بناء دوافع القوة النفسية الذاتية:
وذلك بتشجيع المحاولات وملامح القوة النفسية لدى الأبناء مهما بدت صغيرة، فالثناء على الإرادة والالتزام وتحمل المسؤولية، والثناء على المحاولة من جديد بعزيمة قوية، وتشجيع بذل الجهد والتركيز على متعة العمل وجمال المهمة أكثر من التركيز على النتيجة، ودعم حب الاستطلاع لديه وتشجيع العمل والبحث، والتركيز على عمليات التفكير أكثر من التركيز على المخرجات، وتعلم الشعور بالسعادة للمحاولة والانجاز.
· ♦تربية الأبناء لحياة هادفة:
تربية الأبناء منذ الطفولة على أن يعملوا من أجل أهداف ذات قيمة عالية؛ وأن ينخرطوا بأنشطة وفعاليات يتذوقون فيها متعة العمل وحلاوة الإنجاز، ويبدأ الأمر بأبسطها؛ فالأنشطة الرياضية والكشفية والربط بهدف القوة والصحة مثلًا، أو الإعداد للجهاد وحماية الأوطان، المتابعة العبادية وحفظ القرآن بهدف نيل رضا الله وبلوغ الجنة، وتنمية العقل وتطوير المهارات بهدف استثمار الإمكانات والنهضة بالأمة، ثم الربط بقضايا الأمة والعمل على نصرتها، والبذل والعطاء للمحتاجين والمنكوبين لتحقيق الإنسانية، وغيرها من الأهداف العظيمة.
إن الحياة الهادفة هي حياة ذات قيمة عالية، بما فيها من أهداف سامية يكرس الفرد نفسه من أجلها؛ هي الحياة السعيدة التي تسمو بها الهمم وتتعالى فيها النفس على مصاعب الحياة؛ فتصغر معها الهموم، ويقل التركيز فيها على مصادر القلق أو الخوف؛ ما يزيد من حصانته النفسية. العيش لغاية كريمة وشريفة تعطي الإنسان أسبابًا قوية للاست