السلوك العدواني ظاهرة نفسية اجتماعية لا يمكن إرجاعها إلى سبب واحد؛ بل هناك عدة عوامل تتكاتف معاً وتتحد جنباً إلى جنب في تكوين ونشأة السلوك العدواني فهناك عوامل داخلية وأخرى خارجية تؤدي إلى ظهور السلوك العدواني:
أولاً: العوامل الداخلية:
ومنها: الأسباب الجسمية؛ مثل النشاط الزائد الناتج عن اختلاف إفرازات بعض الغدد؛ كالغدة الدرقية، أو الغدة النخامية مع مستوى منخفض من الذكاء مما لا يمكن الفرد من تصريف نشاطه الزائد في أوجه مفيدة فيوجهها نحو العدوان.
وتذهب كثير من الدراسات أن زيادة هرمون التستوسترون Teastosterone تجعل المراهقين الذكور يستجيبوا بطريقة عدوانيه ويتسمون بإفراط أو ضعف في السيطرة على هدوئهم عند تعرضهم للمواقف الصعبة مما يصدر عنهم العنف الشديد.
ثانياً: العوامل الخارجية وهي:
1- الأســرة:
من مؤشرات المناخ الأُسْري أساليب التنشئة الوالدية للأبناء وفي هذا نجد العديد من الأساليب بعضها غير سوي وبعضها سوي ومن الأساليب غير السوية:
1- القسوة وإثارة الألم النفسي، فالفرد العدواني هو نتيجة عنف الوالدين في تعاملهم معه.
وهناك دراسات تحاول الإجابة على هذا التساؤل أين تم تعليم العدوان ؟ وكيف ؟ وتوصلت نتائج دراسته إلى أنه يتم تعليم العدوان من خلال ثلاثة محاور رئيسية وهي:
الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام. و يستخدم 90% من العقاب الجسدي مثل الضرب والصفع بشدة. ويتساءل ماذا يحدث عندما يضرب أحد الوالدين الطفل؟ النتيجة الأولى أن يكف الطفل عن السلوكيات التي يعرفها الوالدين على أنها سلوكيات غير مرغوبة. لكنه تعلم كيف ينقلها إلى الآخرين في البيئةو تأثير العقاب الوالدي من أحد الأسباب التي تؤدي إلى ظهور السلوكيات الاجتماعية غير المرغوب فيها فعندما يستخدم الآباء الوسائل الجسدية لعقاب أولادهم ،يتعلم الأولاد أن الضرب أو الإساءة البدنية هي طرق طبيعية للتعبير عن الفشل (الإحباط)
2- تساهل أو تسامح الآباء مع الأبناء في مواقف العدوان، من شأن التساهل أو التسامح أن يساعد على تكرار السلوك. وكأن التساهل بمثابة تصديق على إمكانية حدوث السلوك وتصديق على قبوله. وهذا ما يجعل العدوان شائعاً عندهم
3-التفرقة في المعاملة بين الأبناء مما يوغر صدورهم تجاه بعضهم البعض، ويسهم في توتر العلاقات بينهم مما ينعكس سلباً على جو الأُسرة. كما أن الإهمال والترك الذي لا يسهم في تهذيب سلوكيات الأبناء غير المقبولة اجتماعياً، وقد يؤدي إلى انحرافهم السلوكي وتأخرهم الدراسي ويسبب الافتقار إلى الرقابة.
4-عدم الاتساق أو التذبذب في المعاملة والذي في ظله ُيسمح للفرد بإصدار استجابات عدوانية في موقف معين ولا يُسمح له بها في موقف آخر أو قد تسمح له الأم بها ولا يسمح بها الأب، فإن ذلك يمثل مناخاً ملائماً تماماً للسلوك العدواني. فضلاً عن تخليق عدم الاتساق لمشاعر الإحباط عند الأولاد وتخليقه لمشاعر الحيرة إذ لا يستطيعون في ظله التمييز بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول، فالموافقة على السلوك من جانب والاعتراض عليه من الجانب الآخر، يترجمه الفرد على أنه بمثابة درجة من درجات السماح بهذا السلوك؛ ولذا تتولد العدوانية
5-العلاقات الأُسْرية المفككة تؤثر في تعلم السلوك العدواني، فالطفل الذي نشأ في منزل تحطمت فيه العلاقات الزوجية لا يجد من يحبه أو يقلده كقدوة فإنه لا ينمو لديه (الأنا الأعلى) الذي يضبط دوافعه العدوانية .كما ينقصه النور الداخلي الذي يهديه إلى رؤية حقيقة سلوكه فيجد لذة في أفعاله العدوانية دون الشعور بالذنب، وبالطبع هذه الحالات تعطي جيلاً من الأطفال العدوانيين ينموا ليكونوا جيل قادم من الراشدين العدوانيين.
فالخبرات المريرة التي يمر بها الطفل ثم المراهق بعد ذلك تولد لديه العديد من الصراعات، التي تدفعه إلى الانحرافات والانخراط في هاوية الخطر، وذلك نتاج للأثر السلبي للبيئة الأُسرية على السلوك العدواني لدى الاطفال
أن الأُسْرة هي مصدر الأخلاق والدعامة الأولى للسلوك،لما لها من مكانة هامة ، وعلى ضرورة الانتباه إلى أساليب التنشئة الاجتماعية التي يعتادها الطفل في البيت، والتي تنتقل معه إلى المجتمع الخارجي، وإلى أسرته التي يبنيها في المستقبل فيجب تجنب العنف لفظا وفعلا مع الأطفال