أخبار عاجلة

الغضب والحدة – بقلم/أمل سلطان

الغضب، توتر انفعالي، هيجان، يحدث للإنسان، فيضطرب ذهنه وجسمه فجأة. إذن الغضب هو ثوران في النفس يحملها على الرغبة في البطش والانتقام. أما الحدة و الغيظ، فهي حالات نفسية وثيقة الصلة بشدة الغضب وبالعودة إلى الغضب، فغضب عليه، بمعنى سخط عليه وأراد الانتقام منه، والغضب: استجابة لإنفعال، تتميز بالميل إلى الاعتداد. وارادة الانتقام مصدرها شعور المرء بضرر أو ألم أو احتقار أو إهانة ألحقها به غيره. فالغضب، هو حالة انفعالية، حالة سخط واحتجاج، ورفض وردود أفعال قوية وسريعة، يقوم بها الإنسان لمجابهة موقف معين، أو في حالة ظهور عائق في طريق تلبية احتياجاته. لذا فالغضب، هو الذي يحرك سلوك الفرد ويدفعه للقيام بعمل أو نشاط معين. ويتبين لنا، أن الغضب، نوعان ضار، سلبي، مذموم غير مرغوب فيه، غير ضروري. والآخر، ضروري، محمود، إيجابي، ومرغوب فيه، وهو غضب لله تعالى.

الصنف الأول للغضب
الغضب من الصنف الأول، وما يتبعه من حدة وغيظ، هو الذي يُفقد الإنسان قدرته على التعقل والحكمة، ويُفسد أخلاق الإنسان، ويضر بالفرد وبسلوكه وبالمجتمع، ولا تتناسب مع الظروف المحيطة به، أو المواقف التي تقابله، ولا تستأهل كل هذا الغضب والطبع الحاد، والانفعال الزائد، التي تجعل من هذا الفرد كثير الخطأ، مضطرب الفكر، شديدا ً في المعاملة، قاسيا ً في المعاشرة، لا يعرف التسامح، فظا ً، غليظ القلب، عنيدا ً، عنيفا ً، منتقما ً، ولا يتسع صدره لأحد، كما تفلت أفعاله من عقال التفكير السليم. والإنسان من هذا الصنف يقوم في كل مرة بثورة من الغضب والصخب، عندما توجه إليه أية ملاحظة لاذعه، خاصة إذا مست كبرياءه، عند ذلك يُفرغ طاقة الغضب مباشرة وبسرعة. إن مثل هذه الانفعالات السلبية، تُعد مظهرا ً للاضطراب النفسي للفرد، تقتضي مواجهة ً وعلاجا ً. لذلك يصف الإمام، الحدة، وهي ما يحدث للإنسان عند الغضب، إنها شكل من أشكال الجنون وفقدان العقل فيقول:” الحدة ضرب من الجنون لأن صاحبها يندم، فإن لم يندم فجنونه مُستحكم”. فاحذر من الغضب وعواقبه الوخيمة، خاصة للولاة وقيادات الجيش، لأن الغضب يوجب الاضطراب في ميزان العقل، ويدفع النفس للانتقام، أيا ً كان طريقه، وهذا أكبر عون للمضل في إضلاله، هذا ما وأحذر الغضب فإنه جند عظيم من جنود ابليس

علاج الغضب الضار
بما أن الغضب نارٌ في القلب تثير حرارة، فيميع الدم ويفور جسد الإنسان، لابد إذن من اللجوء إلى هيمنة العقل الراشد على غريزة الغضب، وكظم الغيظ، ومجاهدة النفس وتدريبها على التحلي بمكارم الأخلاق، كالصبر والحُلم وسعة الصدر، وتذكر المولى عز وجل، لأن ذلك يوقظ في القلب مشاعر الخوف والرهبة من الله تعالى. فعليك بكظم الغيظ وكتمه، فتملك نفسك عند الغضب، وتأن واسكن عند الغضب أو مكروه يصيبك. ولكن كظم الغيظ وكتم الغضب، يحتاج إلى سعة الصدر وقدرة على التحمل، لأنه يسبب الألم عند الإنسان الصالح، المؤمن، خاصة إذا واجهه موقفاً مخالفاً، غير سليم، وهناك قضية غاية في الأهمية، وهي لا يجوز اتخاذ أي قرار، فيما يتصل بالعقوبة أو غيرها، والإنسان في حالة غضب. لأن الإنسان وهو في حالة غضب تختل موازينه ويفقد السيطرة على نفسه وتصرفاته.. فعليهم بتأخير اتخاذ القرار، حتى يسكن غضبهم وتهدأ نفوسهم بعد الإضطراب، فيملك حق الاختيار…حتى يسكن غضبك فتملك الاختيار “. أي املك نفسك عند الغضب.
اما البادرة: ما يبدر من اللسان عند الغضب من سباب ونحوه… وأفضلهم حِلما ً ممن يبطيء عن الغضب”. أي لا يوقع العقوبة بمن يعتقد أنه يستحقها أثناء غضبه، لينتفي عنصر الانتقام في الموضوع من جهة، وليتسنى له بعد زوال غضبه أن ينظر في الموضوع برأيه الهادئ لا بعواطفه الثائرة ليكون حكمه سليما ً من الناحية العقلية.

ويتداخل مع الغضب والحدة ونحوهما، مفهوم ” الجَزَع “، نقيض الصبر، وهو ضعف النفس عن احتمال ما ينزل بها من مكروه. أي فقدان الصبر على ما يصيب الإنسان. لذا فإن أمير المؤمنين، حذر من الجزع لأنه يعين الزمان على الإضرار بصاحبه، فيزيده شقاءً وبلاءً، فهو يقول:” والجزع من أعوان الزمان “.

ولابد لنا من التوقف قليلا ً، عند أهمية الحِلم والابتعاد عن الغضب، عند أصحاب المسؤولية والقيادات، وكظم الغضب والغيظ مطلوبة من الجميع، إلا أنها لأصحاب القرار، الذين يتعاملون مع الناس، تصبح أكثر ضرورة وأهمية لعدة أسباب، منها:أولا ً، إن الناس ليسوا سواء في الأخلاق والصفات والاستجابه، فقد تظهر منهم تصرفات خاطئة أو ممارسات غير مرغوبة كالتسرع والإلحاح في مطالبهم، فإذا قابلهم المسؤول بالشدة والغضب والعنف، فقد ينفرون منه ويكرهونه ويتحينون الفرصة للتخلص منه. وثانيا ً، صبر المسؤول وحلمه على المتعاملين معه يكون سببا ً لتأليف قلوبهم ومنهجا ً حكيما ً في ردعهم عن أخطائهم، إذا وجدت. وثالثا ً، بالحلم والصبر تدوم المسؤولية ويتبوأ صاحبها مكانة عالية وزعامة بين قومه، فقد جبلت النفوس، عادة، على حب من يصبر عليها.

الصنف الثاني للغضب
كان الغضب الذي ذكرناه، هو الصنف الأول، الضار، أما الصنف الثاني، فهو الضروري، المطلوب. وهو يعني الاحتجاج ورفض موقف معين خاطئ، لأنه لا يمكن السكوت والتغطية عن انتهاك الحق بالصواب، وانتهاك حرمات الله تعالى، ويراد به وجه الله تعالى، والانتصار لدينه. فلابد للإنسان أن ينفعل ويغضب، وإلا أصبح هذا الإنسان فاقدا ً للشعور والإحساس. الغضب المطلوب،
وأفضل من صحة البدن تقوى القلب”.

عن hassan

شاهد أيضاً

إرشادات لتقليل العناد عند الأطفال بقلم أ / بسنت أيمن معلمه أطفال أخصائي تعديل سلوك أخصائي صعوبات تعلم أخصائي صحه نفسيه دراسات عليا في الطفوله

إن كان لديك طفل تصفه بالعناد فأولا يجب عدم وصف الطفل طوال الوقت أنه عنيد..وأن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

You cannot copy content of this page