“كلامي لازم يمشي …
أنا راجل البيت…و مفيش حد ينطق بعد كلمتي ..”
بهذا الحديث أبدا مقالي، و اتكلم بلسان حال بعض الرجال إلا من رحم ربي .
لن أعمم فقد تعلمنا في دراسة علم النفس أن التعميم خطأ من أخطاء التفكير لكن دعونا نتفق أن هناك عديد من الرجال يرون في الشدة و الصوت العالي و الألفاظ النابية الفحولة و الشدة و يعتقدون بذلك، خاطئين، انهم يجبرون من حولهم من كائنات أضعف علي احترامهم و طاعتهم ..
لكني أشفق عليهم حقا .. مما سوف يجنوه من ثمار هذا التصور الخاطيء .
أولا دعونا نتطرق اليوم لعالم الأسرة الذي هو ربها و مثلها الاعلي:
فبدل ان يعطي مثلا أعلي في الهدوء و التحكم في النفس و السيطرة علي الغضب و العفو عند المقدرة يجد الأبناء أب ذو سطوة لا يتفاهم في معظم الاوقات يظن أن رأيه الوحيد هو الصواب و أن في النقاش و حرية التعبير عن الرأي تسيب حيث يشعر أن هناك من سيأخذ دفة الأمور عنه..
و اذا ذهبنا العمق فليس الحب المغلف برعاية الأسرة و الاولاد هو الدافع وراء السيطرة و إنما الخوف من انهيار الصورة التي رسمها لنفسه “راجل البيت” و التي تعد صورة مشوهة خلا منها كلام الله و سنة نبيه حيث جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:(ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب). متفق عليه.
والمقصود بالصُّرَعة أي: الذي يصرع الناس كثيراً، فهو إنسان قوي يهابه الناس لصوته العالي و يده التي تسبق تفكيره، و بين لنا الرسول الكريم مواصفات الانسان القوي حقا بقوله ان الشديد حقيقة والذي ينبغي أن تلتفت الأنظار إلى قوته وشدته هو من يملك نفسه عند الغضب. لإن هذا هو الاختيار الأصعب الذي يتطلب بذل الجهد و التعقل قبل التسرع.
فإذا علم هذا الرجل و أشباهه انه يتشابه مع الحيوانات في عدم استخدام العقل و الحكمة سوف ينفر من تسلطه و عنفه مع من أعطاه الله إياهم من نعمة زوجة صالحة و أبناء لا حول لهم ولا قوة ، ولكن هذا الإنسان الذي انفلتت اعصابه لربما يكون كالطفل الصغير إذا غضب، فيخرج عن طوره ويفقد سيطرته على نفسه، فيتكلم بما لا يعي ولا يعقل، ويطلق امرأته، ويسب نفسه أو أولاده، وإذا ذُكّر بذلك بعد هذا ،ندم على تصرفاته التي صدرت منه..
و اختم كلامي بقوله تعالي في سورة آل عمران :
وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134).
في الاسبوع القادم بعون الله سوف اتابع المخاطر الفادحة لتسلط رب الأسرة الذي يستبدل كونه نبع الحنان و الاحتواء لزوجته التي تتكبد عناء رعاية الاولاد و بناء شخصيتهم و كونه سند و حماية لأولاده من مخاطر الزمان يصبح هو من يلحق الضرر بهم و يضيع إحساسهم بالأمان.