الامومه والطفوله والصحة النفسية

قوة العقل الباطن وتأثيره على النفس وتحقيق الأهداف✍️ بقلم: [د. داليا علي عبد العزيز ]

في عصر تتسارع فيه وتيرة الحياة وتزداد فيه الضغوطات النفسية والمهنية، يعود الحديث مجددًا عن أحد أقوى الأسلحة النفسية التي يمتلكها الإنسان دون أن يدرك تمامًا مدى تأثيرها: العقل الباطن.

العقل الباطن ليس مجرد خزان للذكريات كما نظن، بل هو نظام موجه خفي يتحكم في كثير من قراراتنا، عاداتنا، مشاعرنا، وحتى نظرتنا لأنفسنا وللعالم من حولنا. تشير الدراسات الحديثة في علم النفس والسلوك إلى أن ما يزيد عن 90% من تصرفات الإنسان اليومية تنبع من برمجة عقلية لا واعية، تشكّلت عبر سنوات طويلة من التجارب والمعتقدات.

العقل الباطن… قلب النفس وروح الطموح
يخزن العقل الباطن كل ما نمر به من مواقف، سواء إيجابية أو سلبية، ويترجمها إلى معتقدات وأفكار تؤثر بشكل مباشر على الصحة النفسية والثقة بالنفس. فإن آمن الإنسان في أعماقه أنه قادر على النجاح، سيبدأ عقله اللاواعي في توجيهه نحو الفرص وتجاهل العوائق. أما إن تملّكه اعتقاد راسخ بعدم الجدارة، فستتكرر محاولاته الفاشلة وكأنها قدر لا مفر منه.

وهنا تكمن المفارقة؛ فالنجاح يبدأ من الداخل، من قناعة داخلية عميقة، تُزرع وتُروى في تربة العقل الباطن.

مفاتيح تفعيل قوة العقل الباطن
من أبرز الوسائل التي أثبتت فعاليتها في تفعيل هذه القوة النفسية:

التوكيدات الإيجابية: تكرار عبارات تحفيزية مثل “أنا أستحق النجاح” أو “أنا أتمتع بالقوة والقدرة” يساهم تدريجيًا في تغيير البرمجة السلبية المخزنة.

التخيل الذهني: تمارين التصور، التي يتخيل فيها الإنسان نفسه وقد حقق أهدافه، تساعد في خلق مشاعر النجاح مسبقًا، مما يدفع العقل للعمل نحو تحقيقها.

الهدوء الذهني والتأمل: في حالات الاسترخاء العميق، يصبح العقل الباطن أكثر قابلية لتقبل الأفكار الجديدة، وهنا يمكن غرس القيم الإيجابية بثبات أكبر.

بين العلم والطاقة… أين الحقيقة؟
رغم أن بعض جوانب الحديث عن “برمجة العقل الباطن” ترتبط بعلم النفس والطاقة الحيوية، فإن الحقائق الأساسية مدعومة بأبحاث واضحة: الإنسان يسير وفق قناعاته. فإن نجح في إعادة تشكيل هذه القناعات، تغيّرت مسارات حياته تبعًا لها.

خلاصة القول
قوة العقل الباطن ليست خيالًا علميًا، بل هي طاقة نفسية عميقة يمكن لكل إنسان تسخيرها لتحقيق أهدافه، شرط أن يبدأ بخطوة صادقة نحو فهم الذات وإعادة تشكيل أفكاره الداخلية.

ولعل أعظم إنجاز يحققه الإنسان ليس أن يصل إلى القمة، بل أن يُقنع نفسه أنه يستحق الوصول إليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى